الثقافة القانونية في الدراما المصرية

الثقافة القانونية في الدراما المصرية

مثلي ككل المصريين والعرب نستدرج لمشاهدة الدراما خلال شهر رمضان بعضنا يجعلها شغله الشاغل والبعض الأخر يخصص جزء من وقته لها وآخرون يشاهدون الدراما أثناء تناول وجبتي الإفطار والسحور واخلص من ذلك ألي أن كل المصريين بل والعرب يستمد بعض من الثقافة والمعلومات من خلال متابعة الدراما

ونظرا لان الثقافة القانونية تشغل بال الكثير من الناس تعتبر الدراما فرصة للتزود بتلك الثقافة خاصة المصريين ومن هنا نؤكد علي أهمية صحة المعلومة القانونية التي تعطي للناس من خلال الدراما

ومن خلال المتابعة كمتخصص أؤكد علي أن الكثير من المعلومات القانونية التي تستخدم في الدراما المصرية غير صحيحة بل أؤكد علي أنها مخالفة للقانون تمام

والأمر الغريب أن يبني عمل درامي كامل علي مسالة قانونية ولا يعرض الأمر علي متخصص (قانوني) لأبدا الرأي القانوني فيها ومنها :

1- مسلسل (زهرة) فما عرض في هذا المسلسل من معلومات قانونية قد يستخدمها الناس ويعتبرها صحيحة هي في حقيقتها مخالفة للقانون وهذا من أسباب عدم النجاح لأي عمل درامي ألا تستمد المعلومة من مصدرها و لأنني لست ناقد فلا يمكنني الخوض في تفاصيل العمل الدرامي نفسه ولكن ما يمكنني أن أقواله أن ما بني علية العمل القانوني في هذا المسلسل كله أخطاء قانونية فادحه منها علي سبيل المثال:

ü الطلاق الأول الغيابي لبطلة المسلسل لا يصبح بائن ويصح لها الزواج بعده ألا بعد إعلانها به وفوات الميعاد دون أن يقوم الزوج بردها فإذا قام بردها يثبت ذلك في السجلات الرسمية ولا يستطيع أي ماذون أن يعقد قرانها علي أخر لان السجلات الرسمية ثابت بها أن زوجها الأول قام بردها حتى وان لم تكن هي تعلم بذلك الرد

ü الطلاق الثاني لبطلة المسلسل والذي تم عن طريق المحكمة لا يصبح بائن يحق لها الزواج بعده ألا بعد استنفاذ ميعاد الطعن علية بالاستئناف بل أن الطعن بالنقض علي حكم الطلاق يمنعها من الزواج بأخر فكيف لها أن تتزوج أخر بالرغم من أن حكم الطلاق الذي حصلت علية مطعون علية بالاستئناف

ü معلومة ترك استئناف الطلاق للشطب وتجديده في أخر يوم للميعاد القانوني هي معلومة صحيحة ولكنها منقوصة لان التجديد من الشطب يوجب الإعلان به خلال الميعاد أيضا وألا أصبح هذا الاستئناف كان لم يكن

ü الزواج الثالث لبطلة العمل غير جائز لان حكم الطلاق غير بات ولا يجوز للموظف الرسمي (الماذون) أن يعقد قرانها ألا بعد التأكد من بيتوته حكم الطلاق

ü ما تم من إجراءات ليتمكن (ماجد) احد أبطال العمل ليتمكن من الزواج من (نوال) بعد فقد الذاكرة لا علاقة له بالقانون وما نص علية من إجراءات في مثل هذه الحالات

ü من يقومون بأداء دور المحامين في العمل الدرامي يستخدمون ألفاظ وعبارات غير قانونية

وغيرها فالعمل كله بالرغم من قيامه علي فكرة قانونية ألا أن كاتب العمل لم يكلف نفسه عناء عرض الأمر علي متخصص يصحح له ذلك حتى لا تعطي المعلومة القانونية خطاء للمشاهد يستخدمها بعد ذلك فتصيبه بالضرر

2-مسلسل (العار) كسابقة لم يكلف الكاتب نفسه عناء عرض الأمر علي متخصص في القضايا القانونية التي تعرض فيه فامتلاء المسلسل بالأخطاء القانونية ومنها:

ü تنازل أب عن حضانة صغير لم تلده أمه بعد مقابل المال تنازل مستقبلي عن حضانته المستقبلية التي حدد لها القانون ميعاد في سن الصغير فهذا التنازل غير جائز قانونا

ü جريمة القتل التي ارتكبها احد أبطال العمل (مختار) وأسندها ألي شخص أخر تم دون حبكها قانونية مقبولة لكل عاقل

ü التصرفات القانونية بالعمل الدرامي من عمليات البيع والشراء (مثل بيع الملهي الليلي ) لم تتم بالشكل القانوني اللازم

ü أمر أخر يخص الواقع العملي إذ ورد بأحد الحلقات محضر توجه لإعلان احد أبطال العمل (سعد) لإعلانه بدعوى طلاق مقامة ضده وقام المحضر باستوقاع (سعد) علي دفتر معه بما يفيد استلام الإعلان وهذا خطاء أيضا لكون المراد إعلانه يتم توقيعه علي الورقة نفسها التي يعلن بها وليس علي دفتر خاص مع المحضر القائم بالإعلان

وغيرها من التفاصيل القانونية داخل العمل كلها لم يراعي فيها ما نص علية القانون

لم اقصد من ذلك أن يتحول العمل الدرامي لدروس في القانون ولكن علينا أن نعلم :

ü يستمد المشاهد العادي ثقافته القانونية من خلال الأعمال الدرامية ويتأثر بها ويتعامل بها ويعتبرها حقيقة وبالتالي وجوب أن يوافق التصرف القانوني داخل العمل الدرامي الحقيقة

ü احترام القانون وعدم التلاعب بالنصوص واجب علي كل شخص وعرض العمل الدرامي بالتطابق لما نص علية القانون واجب علي كاتب العمل

ü التعلم من الآخرين في الغرب الذي يستخدمون في الدراما المتخصص في كل شي فيظهر العمل الدرامي مطابق للواقع

ومن هنا استصرخ كل صاحب عمل درامي كاتب قصة أو سيناريو أو مخرج أو منتج كل إطراف العمل علية أن يلجأ ألي المتخصص ليخرج العمل الدرامي موافق لما نص علية القانون وليستمد منه المشاهد ثقافة قانونية صحيحة

سـيد كـمال عورييـن
محـام
بالنقض و الدستورية و الادارية العليا