مصطفي كامل
عدد المساهمات : 5015 نقــاط المشاركة : 8721 تاريخ التسجيل : 17/08/2010
| موضوع: بحث - شهادة المرأة المسلمة في الإسلام الأربعاء أغسطس 25, 2010 11:34 am | |
| بحث - شهادة المرأة المسلمة في الإسلام
يسود الجدل في الأوساط الدينية والفكرية في مصر بشأن شهادة المرأة, بعدتصريحات الدكتورة زينب رضوان وكيلة مجلس الشعب قالت فيها إن شهادة المرأةتعدل شهادة الرجل, نافية وجود نص قرآني يخالف ذلك. وأثناء مشاركتها فيمؤتمر عن المواطنة في القاهرة قالت زينب رضوان إن "ما ورد في بعض الآياتالقرآنية بشأن شهادة المرأة كان متعلقا بواقع معين ومحدد وعليه فإن تغييرالواقع يعني تغيير الحكم بالضرورة". من هنا نحذر , من فتح باب الاجتهادأمام غير المختصين في الشريعة الإسلامية. "من غير المقبول من أي إنسان أنيدعي خروجا عن القرآن والسنة والإجماع, ومع أن الإسلام يسوي بين الرجلوالمرأة في كثير من الأمور, غير أن الشرع اختص المرأة بأحكام وجعل لهامركزا قانونيا غير مركز الرجل لا يجوز تجاوزه أو الخروج من إطاره كقضاياالإنفاق والزواج والشهادة والميراث".و قضية تغيير الحكم القرآني بتغييرظروف المجتمع, أنه "من الجنون أن يتصور البعض أن أي تشريع من آيات القرآنقد انتهى مفعوله بتغيير أحوال المجتمع وسلوك البشر". أن الفقهاء حددوا قبولشهادة المرأة بمفردها على أنها شهادة كاملة في أمور بعينها تتعلق جميعهابالنساء، مثل الحمل والرضاعة وهي أمور لا يتسنى عادة للرجال الاطلاع عليها،وبالتالي يكتفي أحيانا بشهادة امرأة واحدة "لكن القول بأن شهادة المرأةتعادل شهادة الرجل على الإطلاق قول باطل لم يقل به أحد من قبل". بالرغم منانها ليست فقيهة أو مجتهدة، بل تحمل درجة الدكتوراة في الفلسفة، ولم تدرسالشريعة إلا بقدر ما درسه طالب في كلية الحقوق، وقد قامت الدكتورة زينبرضوان وكيلة مجلس الشعب وأستاذة الحضارة والتاريخ الإسلامي بنشر بحثها عليمرتين في جريدة الأهرام ومن واجبنا كباحثين إسلاميين أن نرد علي هذا البحثأو المقال الذي نشر بالأهرام بهذا المقال كبحث علمي يرد عما ورد فيه منمغالطات علمية فأليكم هذا البحث : ونتمنى أن ينشر في نفس المكان الذي نشرفيه للأهمية والإفادة العلمية :الشهادة في اللغة تعني : الخبر القاطع ، والحضور والمعاينة والعلانية ،والقسم ، والإقرار ، وكلمة التوحيد ، والموت في سبيل الله . وفي الاصطلاحالفقهي : استعمل الفقهاء لفظ الشهادة في الإخبار بحق للغير على النفس ،واستعملوا اللفظ في الموت في سبيل الله ، واستعملوه في القسم كما في اللعان، كما استعمل الفقهاء لفظ الشهادة في الإخبار بحق للغير على الغير في مجلسالقضاء ، وهو موضوع البحث في هذا المصطلح ، واختلفوا في تعريف الشهادةبهذا المعنى على النحو التالي : فعرفها الكمال من الحنفية بأنها : إخبارصدق لإثبات حق بلفظ الشهادة في مجلس القضاء . وعرفها الدر دير من المالكية:بأنها إخبار حاكم من علم ليقضي بمقتضاه. وعرفها الجمل من الشافعية بأنها :إخبار بحق للغير على الغير بلفظ أشهد . وعرفها الشيباني من الحنابلة بأنها: الإخبار بما علمه بلفظ أشهد أو شهدت . وتسميتها بالشهادة إشارة إلى أنهامأخوذة من المشاهدة المتيقنة ، لأن الشاهد يخبر عن ما شاهده ، وهي إحدىالحجج التي تثبت بها الدعوى . ويتعلق بقضية الشهادة الشبهة الثانية التييكررها الآخرون ؛ محاولة منهم لاتهام التشريع الإسلامي بانتقاص المرأةوبظلمه لها ، حيث يرددون : « إن الإسلام ظلم المرأة بأن جعل شهادتها نصفشهادة الرجل » . في البداية يجب أن نعلم أن الشهادة تكليف ومسئولية ،وعندما يخفف الله عن المرأة في الشهادة فهذا إكرام لها ، وليس العكس ، كماعلينا أن نعلم كذلك أن الشروط التي تراعى في الشهادة ، ليست عائدة إلى وصفالذكورة والأنوثة في الشاهد ، ولكنها عائدة إلى أمرين : الأول : عدالةالشاهد وضبطه . الثاني : أن تكون بين الشاهد والواقعة التي يشهد بها ، صلةتجعله مؤهلاً للدراية بها والشهادة فيها ، ومن المعلوم أنه إذا ثبت لدىالقاضي اتصاف هذا (الشاهد) بهذه الصفات ( أي رقة المشاعر والعاطفة ) فإنشهادته تصبح غير مقبولة ؛ إذ لابد أن يقوم من ذلك دليل على أن صلتهبالمسائل الجرمية وقدرته على معاينتها ضعيفة أو معدومة ، وهو الأمر الذييفقده أهليته للشهادة على تلك المسائل . ومن الحقائق التي يجب أن نعلمها فيقضية الشهادة ما يلي : 1) شهادة المرأة وحدها تقبل في هلال رمضان شأنهاشأن الرجل . 2) تستوي شهادة المرأة بشهادة الرجل في الملاعنة . 3) شهادةالمرأة قبلت في الأمور الخاصة بالنساء، قال ابن قدامه في المغني: " ويقبلفيما لا يطلع عليه الرجال مثل الرضاعة والولادة والحيض والعدة وما أشبههاشهادة امرأة عدل. ولا نعلم بين أهل العلم خلافاً في قبول شهادة النساءالمنفردات في الجملة " ، ويوضح الحكم في موضع آخر فيقول: " تقبل شهادةالنساء وحدهن - منفردات عن الرجال - في خمسة أشياء : 1 ـ الولادة . 2 ـالاستهلال. 3 ـ الرضاع . 4 ـ العيوب التي تحت الثوب كالرتق، والقرن،والبكارة، والثيبوبة، والبرص . 5 ـ انقضاء العدة " . 4) تقبل شهادة المرأةالواحدة . قال ابن قدامه: " وكل موضع تقبل فيه شهادة النساء المنفردات فإنهتقبل فيه شهادة المرأة الواحدة ". وجاء في الحديث : " سأل عقبة بن الحارثالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : إني تزوجت امرأة . فجاءت أمة سوداءفقالت : إنها أرضعتنا فأمره بفراق امرأته . فقال: إنها كاذبة . فقال النبي (صلى الله عليه وسلم ) : " دعها عنك " ، وقد علق ابن القيم فقال: " ففي هذاقبول شهادة المرأة الواحدة ، وإن كانت أمة وشهادتها على فعل نفسها " ، وقدعلق معروف الدواليبي بكلام جميل على هذا فقال : " إن الشريعة الإسلاميةاتجهت إلى تعزيز الشهادة في القضايا المالية بصورة مطلقة بشهادة رجل آخر ،إلى جانب الرجل الأول ، حتى لا تكون الشهادة عرضة للاتهام . ولم يعتبر أحدتنصيف شهادة الرجل هنا وتعزيزها بشهادة رجل آخر ماسًّا بكرامته ما دام ذلكالتعزيز أضمن لحقوق الناس . وزيادة على ذلك فإن شهادة الرجل لم تقبل قط "وحده " حتى في أتفه القضايا المالية. غير أن المرأة قد امتازت على الرجل فيسماع شهادتها " وحدها " ، دون الرجل ، فيما هو أخطر من الشهادة على الأمورالتافهة ، وذلك كما هو معلم في الشهادة على الولادة وما يلحقها من نسبوإرث ، بينما لم تقبل شهادة الرجل " وحده " في أتفه القضايا المالية وفيهذا ردٌّ بليغ على مَن يتهم الإسلام بتمييز الرجل على المرأة في الشهادة " .5) شهادة المرأة تقدم أحياناً على شهادة الرجل بعد سماع الشهادتين: " يثبتخيار الفسخ لكل واحد من الزوجين لعيب يجده في صاحبه . . . وإن اختلفا فيعيوب النساء أريت النساء الثقات ويقبل فيه قول امرأة واحدة ، فإن شهدت بماقال الزوج وإلا فالقول قول المرأة " . 6) الشهادة تختلف عن الرواية وقدقُبلت رواية المرأة الواحدة - وما تزال - في كل أمر حتى في الحديث ؛فالحديث النبوي الذي روته لنا امرأة عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )له حجية الحديث نفسه الذي يرويه رجل . ولم يرد أحد قول امرأة لمجرد أنهاامرأة ، ونقل الدين وما فيه من تشريع أخطر من الشهادة في حكم قضائي ، قالالشوكاني : " لم ينقل عن أحد من العلماء بأنه رد خبر امرأة لكونها امرأة .فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول من امرأة واحدة من الصحابة وهذا لاينكره من له أدنى نصيب من علم السنة " . وقال ابن القيم: " الشارع - صلواتالله وسلامه عليه وعلى آله - لم يرد خبر العدل قط، لا في رواية ولا فيشهادة، بل قبل خبر العدل الواحد في كل موضع أخبر به. . . وقبل شهادة الأمةالسوداء وحدها على الرضاعة " . بعد هذه الحقائق نجد أن مصدر الشبهة التيحسب مثيروها أن الإسلام قد انتقص من أهلية المرأة ، بجعل شهادتها على النصفمن شهادة الرجل : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِنلَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَالشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَاالأُخْرَى ) [ البقرة :282] . هو الخلط بين « الشهادة » وبين « الإشهاد »الذي تتحدث عنه هذه الآية الكريمة ، فالشهادة التي يعتمد عليها القضاء فياكتشاف العدل المؤسس على البينة ، واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم ، لاتتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارًا لصدقها أو كذبها ، ومن ثم قبولها أورفضها ؛ وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضي لصدق الشهادة بصرف النظر عن جنسالشاهد ، ذكرًا كان أو أنثى ، وبصرف النظر عن عدد الشهود . فالقاضي إذااطمأن ضميره إلى ظهور البينة أن يعتمد شهادة رجلين ، أو امرأتين ، أو رجلوامرأة ، أو رجل وامرأتين ، أو امرأة ورجلين ، أو رجل واحد أو امرأة واحدة .. ولا أثر للذكورة أو الأنوثة في الشهادة التي يحكم القضاء بناءً على ماتقدمه له من البينات. أما الآية فإنها تتحدث عن أمر آخر غير « الشهادة »أمام القضاء ؛ حيث تتحدث عن « الإشهاد » الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاقمن الحفاظ على دَيْنه ، وليس عن « الشهادة » التي يعتمد عليها القاضي فيحكمه بين المتنازعين . . فهي - الآية - موجهة لصاحب الحق الدَّيْن وليس إلىالقاضي الحاكم في النزاع . . بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حقدَيْن ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود في كل حالاتالدَّيْن . وإنما توجهت بالنصح والإرشاد فقط النصح والإرشاد إلى دائن خاص ،وفي حالات خاصة من الديون ، لها ملابسات خاصة نصت عليها الآية فهو دين إلىأجل مسمى . . ولابد من كتابته . . ولابد من عدالة الكاتب . ولقد فقه هذهالحقيقة حقيقة أن هذه الآية إنما تتحدث عن " الإشهاد" في دَيْن خاص ، وليسعن الشهادة . . وإنها نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّيْن ذي المواصفات والملابساتالخاصة وليست تشريعاً موجهاً إلى القاضي الحاكم في المنازعات. . فقه ذلكالعلماء المجتهدون . ومن هؤلاء العلماء الفقهاء الذين فقهوا هذه الحقيقة ،وفصّلوا القول فيها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم منالقدماء والأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده والإمام الشيخ محمود شلتوت منالمُحْدَثين والمعاصرين ، فقال ابن تيمية فيما يرويه عنه ، ويؤكد عليه ابنالقيم : قال عن « البينة » (1) التي يحكم القاضي بناء عليها ، والتي وضعقاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : «البينة على المدعى ، واليمين على المدعى عليه »( 2) إن البينة في الشرع ،اسم لما يبيّن الحق ويظهره ، وهى تارة تكون أربعة شهود ، وتارة ثلاثة ،بالنص في بينة المفلس ، وتارة شاهدين ، وشاهد واحد ، وامرأة واحدة ، وتكوننُكولاً( 3) ، ويمينًا ، و خمسين يمينًا أو أربعة أيمان ، وتكون شاهد الحال، فقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : « البينة على المدعى » ، أي عليه أنيظهر ما يبيَّن صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حُكِم له ا.هـ .فكما تقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر ، تقوم بشهادة المرأةالواحدة ، أو أكثر ، وفق معيار البينة التي يطمئن إليها ضمير الحاكم -القاضي - ، وبعد ذلك بقليل علق ابن القيم قائلاً : « قلت : وليس في القرآنما يقتضى أنه لا يُحْكَم إلا بشاهدين ، أو شاهد وامرأتين ، فإن الله سبحانهإنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النِّصاب ، ولم يأمربذلك الحكام أن يحكموا به ، فضلاً عن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك .ولهذا يحكم الحاكم بالنكول ، واليمين المردودة ، والمرأة الواحدة ،والنساء المنفردات لا رجل معهن وبعد هذا الضبط والتمييز والتحديد (4) . وقدعلل ابن تيمية حكمة كون شهادة المرأتين تعدلان شهادة الرجل الواحد ، بأنالمرأة ليست مما يتحمل عادة مجالس وأنواع هذه المعاملات ، لكن إذا تطورتخبراتها وممارساتها وعاداتها ، كانت شهادتها حتى في الإشهاد على حفظ الحقوقوالديون مساوية لشهادة الرجل . . فقال : « ولا ريب أن هذه الحكمة فيالتعدد هي في التحمل ، فأما إذا عقلت المرأة ، وحفظت وكانت ممن يوثق بدينهافإن المقصود حاصل بخبرها كما يحصل بأخبار الديانات ، ولهذا تُقبل شهادتهاوحدها في مواضع ، ويُحكم بشهادة امرأتين ويمين الطالب في أصح القولين ، وهوقول مالك وأحد الوجهين في مذهب أحمد »(5) ونفس هذا المعنى ذكره الإماممحمد عبده ، عندما أرجع تميز شهادة الرجال على هذا الحق الذي تحدثت عنهالآية على شهادة النساء ، إلى كون النساء في ذلك التاريخ كن بعيدات عن حضورمجالس التجارات ، ومن ثمَّ بعيدات عن تحصيل التحمل والخبرات في هذهالميادين ، وهو واقع تاريخي خاضع للتطور والتغير ، وليس طبيعة ولا جبلة فيجنس النساء على مر العصور ، فقال : « تكلم المفسرون في هذا ، وجعلوا سببهالمزاج ، فقالوا : إن مزاج المرأة يعتريه البرد فيتبعه النسيان ، وهذا غيرمتحقق ، والسبب الصحيح أن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات الماليةونحوها من المعاوضات ، فلذلك تكون ذاكرتها ضعيفة ، ولا تكون كذلك فيالأمور المنزلية التي هي شغلها ، فإنها أقوى ذاكرة من الرجل ، يعنى أن منطبع البشر ذكراناً وإناثاً أن يقوى تذكرهم للأمور التي تهمهم ويكثراشتغالهم بها » (6) . ولقد سار الشيخ محمود شلتوت الذي استوعب اجتهادات ابنتيمية وابن القيم ومحمد عبده مع هذا الطريق ، مضيفًا إلى هذه الاجتهاداتعلمًا آخر عندما لفت النظر إلى تساوى شهادة الرجل في « اللعان » فكتب يقولعن شهادة المرأة وكيف أنها دليل على كمال أهليتها : وذلك على العكس منالفكر المغلوط الذي يحسب موقف الإسلام من هذه القضية انتقاصًا من إنسانيتها. . كتب يقول : إن قول الله سبحانه وتعالى : ( فَإِن لَّم يَكُونَارَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَاَمَرأَتَانِ ) [ البقرة :282] ليس واردًا في مقامالشهادة التي يقضى بها القاضي ويحكم ، وإنما هو في مقام الإرشاد إلى طرقالاستيثاق والاطمئنان على الحقوق بين المتعاملين وقت التعامل( الآية )فالمقام مقام استيثاق على الحقوق ، لا مقام قضاء بها . والآية ترشد إلىأفضل أنواع الاستيثاق الذي تطمئن به نفوس المتعاملين على حقوقهم ، وليسمعنى هذا أن شهادة المرأة الواحدة أو شهادة النساء اللاتي ليس معهن رجل ،لايثبت بها الحق ، ولا يحكم بها القاضي ، فإن أقصى ما يطلبه القضاء هو«البينة» . وقد حقق العلامة ابن القيم أن البينة في الشرع أعم من الشهادة،وأن كل ما يتبين به الحق ويظهره، هو بينة يقضى بها القاضي ويحكم. ومن ذلك :يحكم القاضي بالقرائن القطعية ، ويحكم بشهادة غير المسلم متى وثق بهاواطمأن إليها ، واعتبار المرأتين في الاستيثاق كالرجل الواحد ليس لضعفعقلها ، الذي يتبع نقص إنسانيتها ويكون أثرًا له ، وإنما هو لأن المرأة كماقال الشيخ محمد عبده " ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوهامن المعاوضات ، ومن هنا تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ، ولا تكون كذلك في الأمورالمنزلية التي هي شغلها ، فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، ومن طبع البشرعامة أن يقوى تذكرهم للأمور التي تهمهم ويمارسونها ، ويكثر اشتغالهم بها .والآية جاءت على ما كان مألوفًا في شأن المرأة ، ولا يزال أكثر النساءكذلك ، لا يشهدن مجالس المداينات ولا يشتغلن بأسواق المبايعات ، واشتغالبعضهن بذلك لا ينافي هذا الأصل الذي تقضى به طبيعتها في الحياة ( 7) . إلىهذا الحد من النقل والتحليل نكون قد رددنا على من حاول إلصاق تهم إلى هذاالتشريع الحكيم ، ونحن نرى في إلقاء تلك التهم على فروعنا شرعنا الحنيفتخبط في الآخرين يؤكد لنا أن هذا الشرع متين ، وأنه من لدن حكيم خبيروالحمد لله رب العالمين .---------------------المراجع(1) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ( ص 34 ) تحقيق : محمد جميل غازي . طبعة القاهرة .(2) صحيح البخاري ( ج2 ص 931 ) وابن حبان في صحيحة ( ج13 ص 358 ) .(3) هو الامتناع عن اليمين .(4) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص 34 . تحقيق محمد جميل غازي . طبعة القاهرة .(5) إعلام الموقعين عن رب العالمين ( ج1 ص95 ) . طبعة بيروت سنة 1973 م .(6) الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ( ج4 ص 732 ) . دراسة وتحقيق : د . محمد عمارة . طبعة القاهرة .(7) الإسلام عقيدة وشريعة ( ص 239 - 241 ) . طبعة القاهرة سنة ( 1400 ) هجرية سنة 1980 .منقول بقلمعادل عامركاتب حر وباحث إسلامي وقانوني | |
|